هناك بتلك البقعة الصامتة زرعت شتلة نعناع فواحة ... وفوقها ياسمينة صغيرة ... وعلى جانبيها وردة وزهرة ...
وردة رمزية غير معروفة ... جميلة ... أعجبني شكلها ... راق لي عبيرها ... زرعتها من غير مناسبة ... زرعتها لمن ...! ولماذا ...! وكيف ...! ومنذ متى ...! وكيف أرويها ... ومن أين ...!
لكل رمز صورة بحرف ... بهمسة ... بتنهيدة ... بلحظة صمت ... واحيانا ببريق نجمة او بنسمة هواء ... او بصوت ... او بشكل طائر ... واحيانا بغيمة ... واحيانا بلا حس مادي ...
هناك عوالم مسممة بالعطور ... مرسومة بخيوط عنكبوتية ... ومتاهات من دخان البخور ... وسراب من غزل الكلمات ...
الوجدان ... لا يحتاج لمناسبة ... لا يحتاج لتجمل ... لا يحتاج لبريق ... والوردة لا تحتاج لتراب ... والكلمات لا تحتاج لحروف من ضباب ... والعيون لا تحتاج لدموع لتبكي ... والابتسامات النادرة لا تحتاج لثغر متبسم ...
لعله عالم يحمل من الصدق والشفافية ... صدر الايام الماضية ... حيث نبكي على صفحات الليل الطويل ... تحت ظلال شجرة النور ... لعله عالم حيث الشموس استقالت ... والنجوم أفلت واختفت ... لا بل هو عالم حقيقي اكبر من واقع الحياة ... واكثر رقيا من رذاذ براعم الليمون ... ونكهة زهر الرمان ...
انه عالم الحب الصادق الذي لن يتكرر ... ولن يعيد نفسه ... ولن يكون غير ميناء واحد ... لمركب واحد ... مهما طالت الايام ... ستبقى منارة الميناء تهمس حبا وحنينا وشوقا ... ومركب الغربة بساريته المتعبة ... ومجدافه الصبر ... وعواصفه الانتظار ... ونيرانه الشوق وطول الانتظار ...
ولا بد للمركب مهما تعب أن يعود ... لانه مكتوب أن الاقمار في افلاكها تجري ... والشمس تسعى لمستقر لها ... فما بالك بمركب هو من الروح والى القلب وفي الفكر خالد.