مرحبا كيفكم اليوم جبت لكم هالقصة مشان تشوفوها شفتها بوكالة معا ولفتت انتباهى :affraid: :affraid:
لو بنفع أموت وهو يرجع للدنيا كنت اخترت ذلك"، بهذه الأمنية المهزومة يداري "ع" حروق قلبه التي ربما كانت أشد من تلك الحروق التي أصابت جسد إبنه الغض الذي قضى احتراقا بالنار، لا لسبب إلا أنه أحس بالتعب فطلب أن يرتاح قليلا من عناء العمل.
توجهت إلى المركز النفسي الذي يعالج فيه قاتل إبنه "محمد 14 عاما" حرقا بالنار، وعندما دخلت إلى الغرفة التي سأقابله فيها، كي أسأله سؤالا محيّرا وهو" لماذا قتلت ابنك حرقا بالنار؟"، كان الصمت مطبقا، وهو جالس في زاوية الغرفة، يمعن النظر صوبي وصوب الأطباء والحراس الذين تواجدوا معنا.
ذلك الرجل في الاربعينيات من العمر، كان يدرك وجودي عنده، وسبقت دموعه كلماته، وبصوت خافت بادرني بالقول "يا ريت الأرض انشقت وبلعتني"، أعقبها بلحظة صمت سرعان ما انقطت بصوت البكاء والعويل وكأنه يرى في تلك اللحظة النيران تلتهم جسد ابنه وهو يعجز عن إطفائها وانقاذ حياته من الموت الذي حكم عليه به دون ذنب.
انتظرنا حتى تمالك نفسه وبدأ يسرد لنا ما جرى "لقد كان ساعدي الأيمن في العمل، وكان كثير المساعدة لي مع أنه كان مشاغب غلبوي، بس أنا كنت معصّب عندما توجهنا لقطف الزيتون، وطلبت منه أن نذهب لمساعدة عمته بقطف زيتونها، فقال لي وهو يضجر من التعب إنه لا يريد أن يعمل لأنه متعب وبحاجة للاكل، فاستشطت غضبا وقلت له في غير وعي، "والله بحرقك"، فرد الإبن "طيب إحراقني".
يتابع السرد، ذهبت دون أن أفكر فيما أعمل، وأحضرت غالونا من البنزين، وسكبته عليه، وبدأ يهرب هنا وهناك، ولكن بعد أن القيت عليه سيجارة أصبح كأنه في بحيرة من نار، وبدأ يصرخ ويكاد ينفجر من الصراخ، فتجمع عدد من الجيران على أعتاب المنزل، وكان يلقي بنفسه على الأرض من شدة النيران التي بدأت تأكل جسده.
وأضاف أتت جدته فأمسك محمد بها فأصابتها النيران، ولكنها لم تستطع فعل شيء لكبر سنها، وأصيبت الجدة بحروق من الدرجة الثانية أيضاً وخرج الصبي إلى باب المنزل وكان يلفظ أنفاسه الأخيرة، لان النار أكلت جسده الهزيل والضعيف، وبعدها توافدت جموع من الناس وحضرت سيارة إسعاف ثم سيارات الشرطة إلى المكان.
وبعد أن فرغ من حديثه، قررتُ أن أوجه إليه السؤال الصعب، لماذا فعلت ذلك؟، صمت لست دقائق وكأن نيرانا تخرج من عينيه، ليجيب بعد ذلك قائلا: "ساعة شيطان، وما كنت بوعيي وأنا ندمان بشدة ولو بنفع أموت ويرجع هو أتمنى ذلك". وعن سؤاله عن شعوره، قال "أنا أشد النادمين ويا ريت أموت هلحين قبل بكرة".
وقد عُرض الأب أثناء مكوثه في السجن على أطباء نفسيين، وتلقى عدة جلسات علاجية في مركز غزة للصحة النفسية، وهنا أكد لنا أحد الأطباء النفسيين أنه حاول الانتحار عدة مرات لولا حضور الممرضين في الوقت المناسب.
ووصف الطبيب الذي فضل عدم ذكر إسمه حالة الأب بالصعبة للغاية وهو يهذي في بعض الأحيان ويضرب نفسه بالجدران المحيطة به ويتم اعطاؤه أدوية مهدئة ومسكنة حتى لا تتفاقم حالته الصحية والنفسية، مع العلم أنه عندما يأتي أحد لرؤيته يستوجب وجود حراس عليه حتى لا يقوم ببعض الحماقات التي لا تحمد عقباها ولعل الحادث السابق خير دليل على ذلك.
وعن توقعات الطبيب النفسي لحالته في المستقبل، قال إن حالته مرهونة بوضعه النفسي ونتخوف أن يقدم على فعل شيء بنفسه، ولعل الذاكرة تضل تغزو فكره، لذلك هو تحت المراقبة الدائمة في المستشفى ونأمل من الله أن تتحسن حالته.
بدوره أكد ضابط الشرطة المقدم "م. ح" أن عملية القتل حصلت مع سبق الإصرار من غير الترصد لإنه لم يكن مخطط لها من قبل، ولا بد أن تأخذ العدالة مجراها، ووفقا لتطور الوضع الصحي والنفسي للجاني. وأضاف أن مثل هذه الحوادث تنم عن حالات فردية وليست منتشرة في المجتمع الغزّي.
تجدر الإشارة إلى أن جريمة إحراق الأب لابنه محمد ( 14 عاما) وقعت يوم الخميس الماضي في مخيم جباليا شمال قطاع غزة.
منقووووووووول