وصلت الممرضة (ميري) و هي تلهث قائلةً للدكتور (جورج) :
- العمل اليوم مرهق جداً يا دكتور (جورج) فلم أتصور يوماً أن العيادة ستغص بالمرضى بهذه الكيفية .
ألقى عليها الدكتور (جورج) نظرة مشفقة وهي تكاد تسقط على الأرض من الإجهاد و قال :
- لا بأس لقد انتهى كل شيء يا آنسة .
أشاحت بوجهها وهي تتمتم :
- أجل لقد انتهى كل شيء .
و اتجهت إلى غرف الممرضات لحزم أغراضها استعداداً لمغادرة العيادة فقد
انتهت فترة عملها . وبينما هي كذلك كان الدكتور (جورج) يتأمل الطريق عبر
بوابة العيادة الزجاجية ثم قطع تأمله فجأة عندما سمع صراخ الممرضة (ميري)
فانطلق يعدوا باتجاه مصدر صراخها وتبعه الكثير من الأطباء و الممرضات
الذين يعملون في تلك العيادة وقد فوجئوا بذلك المنظر الذي رأوه أمامهم
فلقد كان الدكتور (مارك) ملقياً على الأرض والدم ينزف من صدره وكان قد
فارق الحياة .
* * *
وصل فريق من الشرطة إلى مسرح الجريمة وبصحبتهم المحقق (جيمس) حيث أمر
هذا الأخير بترك كل شيء على حاله وعدم مس أي قطعة في مسرح الجريمة كما أمر
باحتجاز جميع الموجودين في العيادة واتجه إلى إحدى الغرف الخالية وقال :
- من أنادي عليه فليحضر لأحقق معه ، وعلى فكرة هل وصل الدكتور (شارل) شريك الدكتور (مارك) في العيادة إلى هنا ؟
أجابه طبيب العظام الدكتور (جورج) ابن الدكتور (مارك) لقد اتصلت به
ولكنه لم يصل إلى منزله بعد فطلبت من زوجته أن تعلمه بالمجيء إلى العيادة
متى رأته يدخل المنزل .
صاح المحقق (جيمس) :
- كيف لم يصل بعد ؟ هل منزله بعيد جداً عن العيادة ؟
رد عليه الدكتور (جورج) :
- كلا . لكن يبدوا أنه لم يتجه إلى منزله مباشرة فور مغادرته العيادة .
هز المحقق رأسه برهة ثم نادى :
- (ميري روبن) .
كان وقع اسم (ميري) عليها كالصاعقة خاصة وقد كانت أعصابها منهارة بسبب
ذلك المنظر الذي شاهدته أمام عينيها ألا وهو منظر الدكتور (مارك) صريعاً .
ولكنها دخلت إلى الغرفة التي يقبع بها المحقق (جيمس) وبدأ باستجوابها .
المحقق (جيمس) : ماذا رأيت حين عبرت هذا الممر ؟
الممرضة (ميري) : لقد وجدت الدكتور (مارك) جثةً هامدة ملقياً على الأرض كما رأيت آثار أقدام موحلة عالقة في الممر ؟
المحقق (جيمس) : هل تعنين تلك الآثار ؟ إنها كما يبدوا تصل إلى نهاية الممر ، لقد شاهدتها أيضاً . لكن هل تعرفين صاحبها ؟
الممرضة (ميري) : لا لا …طبعاً لا أعرف صاحبها .
المحقق (جيمس) : هل تعرفين ماذا يوجد في نهاية الممر ؟
الممرضة (ميري) : نعم . يوجد هناك حديقة موحلة صغيرة كما يوجد مواقف السيارات الخاصة بالعاملين في العيادة فقط .
المحقق (جيمس) : من الذين يتواجدون في تلك الحديقة عادةً ؟
الممرضة (ميري) : يوجد حارسين يحرسان بوابتي الحديقة من الخارج أحدهما
يراقب الداخلين إليها لأنه لا يسمح بالدخول إلى الحديقة سوى العاملين في
العيادة بسبب تواجد سياراتهم ، أما الآخر فهو يراقب الخارجين منه لتأكد من
عدم دخول أحد الغير المصرح لهم بذلك ، و أيضاً يتواجد داخل الحديقة عادةً
الزارع العجوز (جيمي) إنه مزارع حديقة العيادة .
وقف المحقق (جيمس) من على مقعده و توقف نظراته الحادة على يد الممرضة (ميري) ، ثم عقد حاجبيه و سألها :
_ ما الذي تحمليه في يدك ؟
احتقن وجهها ، و تجمدت الدماء في عروقها قبل أن تجيب بتوتر :
- إنه…إنه مقص لقد أردت إعادته إلى مكتب الدكتور (شارل) لأنني أخذته منه هذا الصباح .
و فجأة سمع المحقق طرقات الباب ، فأذن للطارق بالدخول ، فدخل رجل الشرطة الذي كان يحمل بعض الأوراق و هو يقول :
_ تحياتي سيدي ، هذا التقرير الطبي .
رد عليه الدكتور المحقق (جيمس) :
- لا بأس…ضعها على سطح المكتب و انصرف .
فعل الشرطي ما أمره به المحقق (جيمس) و انصرف . ثم ألقى نظرة على
أوراق التقرير التي أكدت أن المقتول قتل بآلة حادة كالسكين أو مقص ، وبعد
ذلك ألقى نظرة على (ميري) وقال لها :
_ يمكنك الانصراف و لكن ضعي هذا المقص على الطاولة هنا و نادي على الدكتور (جورج) .
خرجت الممرضة (ميري) بعد أن وضعت المقص على الطاولة ثم نادت على
الدكتور (جورج) الذي اتجه بدوره إلى الغرفة ، و بعد دقائق معدودة غادر
(جورج) الغرفة ، ودخل بعده مباشرة الدكتور (شارل) الذي وصل منذ قليل ودخل
بعده الكثير من الأطباء والممرضات ، و بعد هذا كله خرج المحقق (جيمس) من
الغرفة و غادر العيادة و توجه إلى مركز الشرطة ، كما قام بإرسال مقص الذي
كانت الممرضة (ميري) تحمله بيدها لفحصه ، و بالفعل تم فحص الجريمة و لم
يتم العثور على أي أثر للجريمة كدم أو نحوه وكذلك تم تفتيش الممرضة (ميري)
وفحصها و لم يجد المحققون عليها أيضاً أي أثر للجريمة كالدم مما زاد من
حيرة المحقق (جيمس) ، ولما شعر الدكتور (جورج) بأن المحقق (جيمس) عاجز عن
حل ملابسات جريمة قتل والده اتصل هاتفياً بالمحقق المعروف و المشهور (جيم
هدسن) و حدد معه موعد لملاقاته و إخباره عن تفاصيل الجريمة .
* * *
دخل الدكتور (جورج) إلى مقهى موجود على إحدى شوارع العاصمة البريطانية
لندن ، وبنظرة متمعنة فحص بها الدكتور (جورج) المقهى ، ثم اتجه إلى إحدى
الطاولات الموجدة و التي كان يجلس بجانبها شخص هادئ الملامح بارد الأعصاب
ذو نظرات بارة أيضاً كالثلج ، ذلك هو المحقق (جيم هدسن) .
((صباح الخير))
نطق بهذه العبارة الدكتور (جورج) ، و بكل برود الدنيا رد عليه المحقق (جيم هدسن) و هو يحتسي قهوته :
- صباح النور يا دكتور .
رمقه الدكتور (جورج) بنظرة استنكار على رده البارد في هذه الظروف
القاسية حيث قتل والده و المجرم مجهول حر طليق حتى الآن و المشتبه بهم
كثيرون جداً ، فكل من كان في المستشفى يعتقد أنه القاتل كالممرضة (ميري) و
الدكتور (شارل) و المزارع (جيمي) و…إلخ . و أخيراً تكلم الدكتور (جورج) :
- لا بد أنك تعرف لماذا استدعيتك هذا الصباح يا سيد (جيم) ، فالصحف اليومية نقلت مقتل والدي بالتفصيل الممل .
و بنفس البرود رد عليه المحقق (جيم هدسن) :
_ نعم . لقد عرفت كل شيء و أنت الآن تريد مني أن أتحرى عن مقتل والدك المحير في عيادته بعد ظهر يوم الأربعاء . أ ليس كذلك؟
أجابه الدكتور (جورج) :
- بلى . فأنا لم أثق أبداً بذلك المحقق المدعو (جيمس جونسون ) .
سأله المحقق (جيم هدسن) و قد تبدى عليه هذه المرة بعض الانفعال :
- و الآن ، متى تريد مني أن أبدأ التحقيق؟
أجابه الدكتور (جورج) :
- غداً سأطلب من الجميع الاجتماع لكي تقوم أنت بالتحقيق معهم .
نطق المحقق (جيم هدسن) و قد عاد إلى بروده ، كأنه يريد أن يبدأ التحقيق حالاً :
- و ليكن .
* * *
كانت (ميري) موجودة في مكتب الدكتور (شارل) وهي تدور وتحوم داخل المكتب بكل توتر ، و الدكتور (شارل) ينظر إليها بصمت إلى أن نطق :
- لا تقلقي يا (ميري) يبدوا أن المجرم الحقيقي سيظهر و ينال جزاءه العادل